الليّـــــــــلُ ولَّـــــى !!
الليل ولّى لن يعــــود وكلُّ يوم يمضي لا يبالي بالقـــــيود وكلّ ليلة تمضي قربٌ لكِ من القبر
يقول الشاعر:
إنا نَفْرَحُ بالأيامِ نقطَعُها وَكلُّ يومٍ مَضى يُدِني من الأجل
فاسألي نفسكِ حين تضعين رأسكِ على الفراش ماذا لو مت غداً هل أنا مستعدةٌ للجواب ؟؟
تأملي أحوال الناس وأسباب موتهم المتعددة ، منهم من يمسي ولا يصبح ومنهم من يصبح ولا يمسي ومنهم من يموت موت الفجأة ، أحوال عجيبة وأسباب متعددة ، فتأملي في ذلك ، أكثري من التفكير بالموت ، فإن لم تتأثري
فكبري على قلبكِ أربع تكبيرات وصلي عليه صلاة الجنازة ، لأنه ميت!!!!!
نعم إن كنتِ لا تتأثرين بذكر الموت فبماذا تتأثرين إذن ؟.فالليل هو محطة السكون والاعتراف بالذنب ، وهو مركز
من مراكز التوبة ، فإذا ولّى فقد ولّت ليلة من حياتكِ ، فاغتنمي ساعات الليل بالاستغفار والتوبة ،
كم في الظلام له إذا نام الورى من زفرةٍ في إثرها يتوجّعُ
ويقول في دعواته يا سيدي أذنبتُ وهذي دموع الرجّع
محطة لتجديد الإيمان!!
إنّ القلب ليملي على البنان عبارات اللوعة والأسى ، فيكتب البنان بمداد المدامع، وينفطر الجنان من الفتن الجوامع ، فالسلف رحمهم الله كانوا يدعون الله ليلاً ونهاراً
فكان سلاحهم الدعاء، يدعون الله في الشدّة، والرخاء وأنتِ إن شاء الله تتبعين السلف ، فأكثري من الدعاء ليوفقكِ الله ويرزقكِ النجاح ، فإذا ما رزقكِ الله النجاح فلا تغفلي عن الدعاء بعد النجاح، إنّ الدعاء محطة عظيمة لتجديد الإيمان
والتعلق بالكريم الرحمن ، فالدعاء إشارة للقلب، تغذيه بالحيوية والنشاط ، فأكثري من الدعاء ، وألّحي فيه ، وأخلصي فيه ، فكلما أخلصتِ في الدعاء كلما ازداد قلبكِ إيماناً وحباً لله......
فجددي بالدعاء إيمانكِ وامسحي به عصيانكِ
يـــوم ُ الـــــــــسَّعادة!
قيل للإمام أحمد رحمه الله : متى الراحة؟؟ فقال: عندما أضع أول قدمٍ في الجنّة ))
فالجنة هي شاطئ الأمان فيا لذّة الأسماع عن خطاب الجنة ، وما فيها من نعيم لا يحصى وعمر لا يفنى وشباب لا يبلى ،
تريدين المزيد ؟ هذا نداء لأهل الجنّة ! يأهل الجنة إن ربكم يستزوركم فحيّ على زيارته ، فينصب كرسي رب العالمين ، ثم تنصب لهم منابر من نور ولؤلؤ وذهب ، وبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور أشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا بالجبار قد أشرف عليهم من فوقهم وقال: يا أهل الجنة ، سلام عليكم ، يا أهل الجنة أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني ؟ هذا يوم المزيد ، فيجتمعون على كلمة واحدة : قد رضينا فارضَ عنا ، أرنا وجهك ننظر إليك ، فيكشف لهم الحجب ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو أن الله قضى أن يحترقوا لاحترقوا
فيا لذّة الأسماع للجنة ويا بهجة الناظرين لوجه رب العالمين ، هذه الجنة تزيّنت ، ولساكنيها تجمّلت
فأملي يا أُختاه أن تكوني من ساكنيه
أفـــــراح ومناســـــبات!!
في أيام الصيف الجميلة ستصلكِ بطاقة دعوة لأفراح ومناسبات ، يدعونكِ لمشاركتهم في أفراحهم ومناسباتهم ، أفراح ومناسبات فيها أغاني وموسيقى ولا تخلو من المنكرات ، يسهر الناس فيها على الأغاني المحرمة حتى منصف الليل والنساء متبرجات ، اسمعي لهذا الحديث : قال صلى الله عليه وسلم : سيكون في أمتي خسف وقذف ومسخ، قيل متى ؟ قال: إذا شربت الخمور واستحلَّت المعازف، يمسون في لهوٍ وطرب ويصبحون قد مسخوا قردةً وخنازير) صححه الألباني
فأيّ سخطٍ أعظم من هذا ، فهل ستشاركينهم بعد هذا الحديث؟ أم تقولي واجبٌ علينا مشاركتهم !!؟ فترضي الناس
بمقابل سخط الله عليكِ ؟واعلمي أنّكِ لن ترضيهم أبداً
هذا موقف شاهدته بعيني: شابان ملتزمان بالدين وهم أقرباء قد كان لأحد أقربائهم فرح ، فجلسوا يتحدثون
يقول أحدهم : إني مضطر للذهاب إلى الفرح سيغضبون عليّ أهلي إن لم أذهب، وقال الآخر : أنا لن أذهب حتى لو غضبوا فلن أرضيهم بسخط الله
ذهب الشاب الأول إلى الفرح وقد خلع ملابس السنّة وقام يخدمهم ليلاً ونهاراً والمنكرات لا تخلوا من الفرح ، فشاركهم في منكراتهم حتى يرضيهم ونسي غضب الله عليه ، وأما الشاب الثاني فأبى أن يشاركهم
وبعد أن انتهى الفرح وإني والله شهدت هذا الموقف بعيني إذ قام أهل الفرح بمعاتبة الشاب الأول لماذا لم تفعل كذا وكذا ، وأين كنت ساعة كذا وكذا ، وأما الشاب الثاني الذي أبى أن يحضر الفرح لما سألوه لماذا لم تحضر؟ قال: أنا لا أحضر أفراح فيها موسيقى !! فطأطئوا رؤوسهم ولم يعاتبوه ) قلت سبحان الله هذا حال من يرضي الناس بسخط الله
والآن مضى على ذلك سنوات وإني أقسم بالله أن الشاب الأول الذي حضر الفرح ونسي غضب الله عليه أنه الآن
ترك التزامه بل وترك الصلاة ) لا تستغربي هذه نتيجة المعصية ، يقول أحد التابعين لقد أذنبت ذنباً ، وتهاونتُ به ،فسمعت أحد العلماء يقول: ستجد نتيجة المعصية ولو بعد سنين ، يقول: فوالله بعد عشرون عاماً وأنا أنتظر نتيجة المعصية حتى أمسيت ليلة وما إن أصبحت إلا وقد أنسيت القرآن كاملاً بعد أن كنت أحفظه غيباً ) نسأل الله العافية
وأما الشاب الذي أبى أن يحضر هذه المنكرات فهو والله الآن من الملتزمين ومن حفظة كتاب الله ومن طلبة العلم الشرعي )
فأي طعم للحياة أجمل من غير إرضاء الله ، فاتركي أهل الأغاني والموسيقى ، وفي ليلة فرح فيها أغاني وموسيقى
أمسكي بكتاب الله واحفظي منه آية واحدة خير لك من الدنيا وما فيها ،أو قولي:
يا نفس لله توبي واستغفري من ذنوبي
فقد بدت شمس عمري تميل نحو الغروبِ
فكم خسرت شبابي كما خسرت دروبي
جمـــــــود العين!!
هل في يوم من الأيام دمعت عينكِ من خشية الله ؟؟
ربما يكون جمود العين من قسوة القلب ، وقسوة القلب من كثرة الذنوب ، وكثرة الذنوب، من نسيان الموت ، ونسيان الموت من طول الأمل، وطول الأمل من شدّة الحرص، وشدّة الحرص من حب الدنيا ، وحب الدنيا هو سبب كثرة الذنوب والخطايا ،
فإذا قسا قلب الإنسان كيف ستدمع عينه ؟، ثم تكثر ذنوبه فيزيد قلبه قساوة
ومن ثم إذا نسي الموت تتراكم هذه الذنوب ، حينها تطول آماله ، ويظن أن عمره سيطول وينسى أن العبرة ليست بطول العمر ولكن بحسن العمل ويصبح شديد الحرص على هذه الدنيا، فيحب الدنيا حباً شديداً ويغفل عن الآخرة ، حتى يداهمه هادم اللذات وهو على هذه الحال!! نسأل الله الرحمة..
وداعـــــــــاً !!!
وداعاً للثانوية ، وداعاً لما قبل الثانوية ، وداعاً لأيامٍ مضت في الدراسة
وداعاً للصديقات.....
ثمّ تمضين في حياتكِ الدنيا تتذكرين أياماً جميلة قطعتيها في المدرسة ، وأياماً طويلة مشيتيها الى المدرسة
ثم تنطلقين إلى حياةٍ أخرى تصافحينها وتودعي حياتكِ السابقة ، تنطلقين إلى حياةٍ جديدة ،إما إلى الجامعات أو الكليات أو إلى البيت أو إلى الزواج أو إلى العمل ، تمكثين فيها قد يزيد إيمانكِ وعلمكِ أو ربما ينقص ،
حتى تودعين الحياة الدنيا بأكملها ، إلى حياة البرزخ ، إما إلى النعيم المقيم وإما الى الجحيم
قال صلى الله عليه وسلّم : الدنيا ملعونة وملعون ما فيها ، إلا ذكر الله وما والاه وعالمٌ ومتعلّم))