قد يعتقد البعض أنّ النساء أو الفتيات يتصفن عموماً ربّما كان ذلك تجنياً بالثرثرة عليهنّ .. وربّما كان ذلك بسبب ظروف القهر الذي تعرضن له فرحن ينفسن عن بعض همومهنّ وأوجاعهنّ بالكلام المجرّد .. وربّما اتّخذت الثرثرة صفة العادة المتوارثة ، أو فرصة للسمر والترويج عن النفس بعد نهار مثقل بالمتاعب .
وأيّاً كان السبب ، فإنّنا لا نحبّ لكِ كفتاة مثقّفة وواعية ومؤمنة ورشيدة أن تأكلي لحم الكلمات النيِّئ .. فإطلاق عنان الكلام يوقع في أضرار ومفاسد كثيرة ، كالغيبة والبهتان والكذب والمبالغة والهزء بالآخرين ، وهو تعبير ـ سواء عند الرجال أو النساء ـ عن فراغ ، أو تعبئة للفراغ بالفراغ !
ولذلك نهت بعض الأحاديث عن أن يكون كلام المؤمن هذراً . فلقد جاء في الحديث : «ليقل أحدكم خيراً أو فليسكت» . وهذا ما عبّر عنه أحد الشعراء بقوله :
الصّمتُ زينٌ والسّكوتُ سلامةٌ***فإذا نطقت فلا تكن مهذارا
ما إن ندمتُ على سكوتي مرّةً***ولقد ندمتُ على الكلام مرارا
وليس هناك قاعدة يمكن اعتمادها عن كمّ الكلام وكمّ السكوت ، فقد يكون السكوت في موضع الكلام مضرّاً ، كما أنّ الكلام في موضع السكوت مضرّ ، والتقدير متروك لنا ، فالإعتدال حتى في الكلام محبّب .
كيف تبتعدين عن الثرثرة ؟
ـ ابحثي عن صديقات هادئات وادعات يكرهن الكلام الكثير الذي لا فائدة ترجى منه ، فالكلام الذي لا حاجة له ولا يغني شيئاً قد يكون ضرّه أكبر من نفعه ، وقد يذهب مع الريح لكنّ تبعاته تبقى .
ـ ابتعدي ما أمكن عن أماكن الصخب والضجيج .. فالأماكن الهادئة تربِّي في النفس ملكة الهدوء والتأمّل والاقتصاد في الكلمات البلهاء ، والإقتصار على الضروري من الكلام ، فلقد كان العرب قديماً يقولون للمتكلّم : «أوجز فأبلغ» أي اضغط كلماتك ولا تسهب بها . وقيل أيضاً : «الصمت أجمل حلية تتزيّن بها المرأة» .
ـ تذكّري أنّ الفتيات الكثيرات الكلام غالباً ما يكنّ قليلات العمل .. فلا تزهدي بالوقت فتقطّعيه أو تقتليه بسكاكين الثرثرة والهذر ، والكلام يجرّ الكلام ، ففي الحديث : «وهل يكبّ الناس على مناخيرهم يوم القيامة سوى حصاد ألسنتهم» .
يقول بعض المختصّين في الشؤون النفسية : «إنّ الحركات العفوية والتصرفات اللاّواعية والعادات التي تأصّلت ولم يبق عندك فيها يد ، هي التي تضعف شخصية كلّ إنسان،إمرأة كان أو رجلاً،وهي التي تنزع عنك الصفات التي تحببك إلى الآخرين،وتجعلك محترماً عندهم».
ـ تأمّلي بين الحين والآخر في فتيات ثرثارات .. لا تتكلّمي معهنّ .. أنصتي فقط لما يقلن .. ستجدين الأحاديث المكرورة .. وربّما التافهة .. ومحاولات النّيـل من هذه وتلك .. والتنقلات السريعة بين مواضيع لا رابط بينها .. وقد لا تخرجين بمحصلة نافعة من كلامهنّ .. وتلك هي الثرثرة .. فهل تحبّين أن تكوني فرداً في القطيع أو عضواً في (الجوقة) أي تصبحين ثرثارة مثلهنّ ؟!
ـ تذكّري دائماً قوله تعالى : (ما يلفظ مِن قول إلاّ لَدَيه رقيبٌ عتِيد )( ) .
إنّ الحاجة إلى السمر والأحاديث العفوية والدعابة ومجاذبة أطراف الحديث في بعض الشؤون الخاصّة والعامّة .. حاجة نفسية لإستفراغ بعض القبح المتراكم في داخل صدورنا .. لكن تمضية الساعات الطويلة في الكلام الفارغ .. هو الثرثرة التي لا نريد لك أن توصفي بها.